الصفحة الرئيسية
>
حــديث
[عن وابصة بن معبد رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: جئت تسأل عن البر؟ قلت: نعم، قال: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك] قوله (صلى الله عليه وسلم) [البر حسن الخلق] يعني: أن حسن الخلق أعظم خصال البر، كما قال [الحج عرفة] أما البر فهو الذي يبر فاعله ويلحقه بالأبرار وهم المطيعون لله عز وجل، والمراد بحسن الخلق: الإنصاف في المعاملة، والعدل في الأحكام، والبذل في الإحسان، وغير ذلك من صفات المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى فقال في سورة الأنفال {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقا} وقال تعالى{التائبون العابدون الحامدون} إلى قوله {وبشر المؤمنين} وقال {قد أفلح المؤمنون} إلى قوله {أولئك هم الوارثون} وقال: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا} إلى آخر السورة، فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات، فوجود جميعها علامة حسن الخلق، وفقد جميعها علامة سوء الخلق، ووجود بعضها دون بعض يدل على نقص الكمال، فليشغل بحفظ ما وجده وتحصيل ما فقده، ولا يظن ظان أن حسن الخلق عبارة عن لين الجانب، وترك الفواحش والمعاصي فقط، وأن من فعل ذلك فقد هذب خلقه، بل حسن الخلق ما ذكرناه من صفات المؤمنين، والتخلق بأخلاقهم، ومن حسن الخلق احتمال الأذى، فقد ورد في الصحيحين: أن أعرابيا جذب برد النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أثرت حاشيته في عاتقه وقال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم ضحك وأمر له بعطاء.
وقوله [والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس] يعني: هو الشيء الذي يورث نقرة في القلب، وهذا أصل يتمسك به لمعرفة الإثم من البر: إن الإثم ما يحيك في الصدر ويكره صاحبه أن يطلع عليه الناس، والمراد بالناس أماثلهم ووجوههم، لا غوغاؤهم، والله أعلم.
المزيد |